بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ فقرة الفقه المتعلقة بالعبادات التي وعدتكم بها بالدرس الماضي لا تزيد عن عشر دقائق ، إن كانت في كل درس فهذا أعون على إتقان الصلاة التي هي عماد الدين ، وكتاب "مراقي الفلاح " ، كتاب في العبادات فقط ، وفي الفقه الحنفي فقط ، كتاب موجز ، ومبوَّب ، ومقنَّن ومرقَّم ، والقراءة فيه سهلة ، وله متن وله شرح ، فإذا استعصى عليك شيءٌ في المتن ، رجعتَ به إلى الشرح ، ففي الوضوء يقول مؤلف الكتاب طبعاً استناداً إلى استنباطات العلماء :
أركان الوضوء أربعة ، وهي فرائضه :
الأول : غسل الوجه ، وحدُّه طولاً ، من مبدأ سطح الجبهة ، إلى أسفل الذقن ، وحدُّه عرضا ما بين شحمتي الأذنين .
والثاني : غسل اليديين مع المرفقين ، ليس إلى المرفقين بل مع المرفقين ، فالمرفق داخل في غسل اليد .
والثالث : غسل الرجلين مع الكعبين .
والـرابع : مســح ربع الرأس .
سبب الوضوء :
استباحة ما لا يحل إلا به ، فهل تحل الصلاة بغير وضوء ؟ لا ، فإنها لا تحلُّ إلا به، لاستباحة الصلاة ، واستباحة الطواف ، وهذا حكمه الدنيوي ، وحكمه الأخروي الثواب في الآخرة.
الوضوء عبادة ، فإذا قام الإنسان ليتوضأ ، وقال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، دخل في عبادة .
وشرط وجوبه :
1ـ العقل 2ـ والبلوغ 3ـ والإسلام 4 ـ والقدرة على استعمال الماء الكافي ، فإذا كان الإنسان لا يقدر على استعمال الماء ، أو يقدر والماء غير كافٍ فعندئذٍ يتيمَّم 5 ـ ووجود الحدث 6ـ وعدم الحيض 7ـ والنفاس ، فلولا الحدث لما وجب الوضوء 8 ـ وضيق الوقت .
في بعض الصلوات ؛ كصلاة العيدين ، أو صلاة الجنازة ، إذا كان الوقت ضيقاً حيث تفوته الصلاة إذا ذهب ليتوضَّأ جاز له التيمم ، لضيق الوقت .
إذاً شرط وجوبه : العقل ، والبلوغ ، والإسلام ، والقدرة على استعمال الماء الكافي ، ووجود الحدث ، وعدم الحيض ، والنفاس وضيق الوقت .
شروط صحته ثلاثة :
1ـ عموم البشرة بالماء الطهور ، يعني أن يبلغ الماء كل الأماكن التي نص عليها الشرع بالماء الطهور 2ـ وانقطاع ما ينافيه من حيض ونفاس ، وحدث 3ـ وزوال ما يمنع وصول الماء إلى الجسد ، يعني طلاء الأظافر يمنع وصول الماء ، والشحم يمنع وصول الماء ، والعجين يمنع وصول الماء .
وعندنا شروط الوجوب ، كما عندنا شروط الصــحة .
هذا فصل قصير ، وبعدها ننتقل إلى موضوع آخر .
يجب غسل ظاهر اللحية الكثة ، واللحية نوعان ؛ طبعاً الذقن غير اللحية ، وكثيرون يظنون أنّ الذقن هي اللحية ، فيقال : ما له ذقن ، أو لم يربِّ ذقنه ، فكل واحد منا له ذقن ، الذقن شيء ، واللحية شيء ، ويستعمل العامة خطأً الذقن بدل اللحية ، إذًا فمن كانت له لحية كثة ، يعني غزيرة الشعر ، يجب غسل ظاهرها ، والشرع لم يكلَّفكَ بغسل أصول اللحية ، عندئذ تحتاج إلى تنشيف على الهواء ، وهذا أمرٌ صعب ، فوق الطاقة ، وعليه غسل ظاهر اللحية الكثة في أصح ما يُفتى به ، ويجب إيصال الماء إلى بشرة اللحية الخفيفة ، فإذا كانت اللحية خفيفة وجب أن يصل الماء إلى البشرة ، أيْ إلى أصل اللحية ، ولا يجب إيصال الماء إلى المسترسل من الشعر عن دائرة الوجه ، فإذا كان لك شعر مسترسل لا يجب إيصال الماء إليه ، ولا إلى ما انكتم من الشفتين ، إذا ضمَّ إنسان شفتيه فهناك جزء من الشفتين من داخل الفم ، فالجزء الذي يعد من داخل الفم لا يجب إيصال الماء إليه ، ويجب تحريك الخاتم الضيق ، وإيصال الماء إلى أصل اللحية الخفيفة ، وغسل ظاهر اللحية الكثة ، يعني الكثيفة ، وعدم وجوب إيصال الماء إلى ما استرسل من الشعر الخارج عن دائرة الوجه ، فهذه معلومات جانبية متعلقة بالموضوع .
شيء آخر : لو ضره غسل شقوق الرجلين ، إذا كان في الأرجل شقوق ، يعني مذبوحة من الشتاء ، وهي مؤلمة ، ويؤذيها الماء وضره غسل شقوق رجليه جاز إمرار الماء على الدواء الذي وضعه فيها .
وبعد ؛ شخص واحد له لحية كثة توضأ فرضاً وحلقها ، لا يقال له : أعد الوضوء ، ولا يعاد المسح ، ولا الغسل على موضع الشعر بعد حلقه ولا الغسل بعد قص ظفره ، وشاربه .
فإذا طرأ بعد الوضوء ، قص ظفر ، أو قص شارب ، أو حلق شعر لم يصل الماء إليه عند الوضوء ، فالشرع متساهل لا يجوز أن تعيد الوضوء في هذه الحالات ، يعني معلومات لطيفة ويحتاجها كل إنسان ، وهذا مما يعين على إتقان الوضوء ، لا زلنا في موضوعات أخرى ، وإن شاء الله نتابعها في الدرس القادم ، هذا ويسن في الوضوء ثمانية عشر شيئاً ، نقرؤها الآن مجرد قراءة ، وربما عدنا إليها في الدرس القادم .
يسن في الوضوء ثمانية عشر شيئاً :
1ـ غسل اليدين إلى الرسغين 2- والتسمية ابتداء 3 - والسواك في ابتدائه ولو بالإصبع عند فقده ، فالسواك من سنن الوضوء ، لم تجد السواك فبالإصبع 4 - والمضمضة ثلاثا ولو بغرفة واحدة ، طبعاً عندنا سنة التكرار ، وسنة المضمضة ، فإذا أخذت غرفة يمكن أنْ تتمضمض فيها ثلاث مرات ، فالمضمضة تحريك الماء بالفم مرة أولى ، ثم مرة ثانية ، ثم مرة ثالثة ، إذاً والمضمضة ثلاثا ولو بغرفة واحدة 5 - والاستنشاق بثلاث غرفات ، قطعاً لأن الاستنشاق ليس عندك عضلات بالأنف تحركها ثلاث مرات ، فلابد من المرة الأولى ، والثانية ، والثالثة ، أما بالفم فممكن ، إذاً يجوز أن تتمضمض ثلاث مرات بغرفة واحدة ، ولا يجوز أن تستنشق ثلاث مرات بغرفة واحدة ، فثلاث مرات ثلاث غرفات 6 - والمبالغة في المضمضة والاستنشاق ، المبالغة تعني إيصال الماء إلى كل أنحاء الفم ، وإيصال الماء إلى أقصى الأنف المبالغة لغير الصائم 7ـ وتخليل اللحية الكثة بكف ماء من أسفلها ، والتخليل يعني : بالأصابع ، الأصابع مبتلة تخلل اللحية الكثة ، بكف ماء من أسفلها 8 - وتخليل الأصابع 9 - وتثليث الغسل ، كل عضوٍ ثلاثًا ثلاثًا ، أول مرة تدلك ، والثانية إسالة الماء ، والثالثة التأكد من التنظيف 10- واستيعاب الرأس بالمسح مرة ، ويجوز مسح ربع الرأس ، أما السنة فكامل الرأس 11- ومسح الأذنين ولو بماء الرأس ، فهذا ممكن ، أن تمسح الأذنين بماء الرأس نفسه ، طبعاً تُدخل إصبعك إلى داخل الأذن ، وتمررها بتجاويفها وخطوطها ، ثم ظاهر الأذن والرقبة 12- والدلك .
أحدث شيء سمعته من طبيب جزاه الله خيراً أن هناك عصيات بالمستقيم اسمها العصيات الزرق، هذه متواجدة بالمستقيم ، ولها وظائف حيوية ، ومحظور عليها لأسباب يصعب شرحها أن تنتقل إلى داخل الجسم أو إلى الدم ، فإذا دخلت في الفم بسبب عدم الاحتراز منها ، عدم إتقان الغسل ، إذا دخلت إلى الفم ووصلت إلى الدم سببت أمراضًا وبيلة .
فالأحاديث الشريفة تحضُّنا على المبالغة بالطهارة ، فإذا دخل إنسان المرحاض وجب أن يبالغ في تنظيف يديه ، ولا سيما الأنامل عند الأظافر ، عند هذه الثنيات ، فلو أن عصية زرقاء دخلت إلى الفم ولم يكن المتوضأ قد اعتنى بتغسيل يديه ، فهذا يسبب له أمراضاً ، يجب أن تعلموا أن أوامر النبي الكريم مبنية على حقائق علمية لأن الله سبحانه وتعالى أوحى له بذلك :
( سورة النجم : 3 ـ 4 ) .
11- ومسح الأذنين ولو بماء الرأس ، 12- والدلك ، 13- والولاء ، كشخصٍ غسل وجهه ، فرنَّ جرس الهاتف ، وتكلَّم ربع ساعة ، ثم رجع وأكمل غسل يديه ، فلم تتوفَّر الموالاة ، بل صار في الوضوء انقطاع ، فيجب أن يتوضأ مرة واحدة ،14- والنية ، 15- والترتيب ، فالإنسان أحيانًا ينسى فيغسل رجليه قبل يديه ، فاختلَّ الترتيب وخالف السنة كما نص الله تعالى في كتابه ، 16- والبداءة بالميامن ، في كل شيء تبدأ باليمين ، 17- ورؤوس الأصابع ، ومقدم الرأس 18- ومسح الرقبة إلى الحلقوم ، إذًا الميامن ، والترتيب ، والنية ، والولاء ، والدلك ، ومسح الأذنين بماء الرأس ، واستعياب الرأس كله ، وتثليث الغسل ، وتخليل الأصابع ، وتخليل اللحية الكثة من أسفلها ، والمبالغة في المضمضة ، والاستنشاق لغير الصائم ، والمضمضة ثلاثًا بغرفة واحدة أو بثلاث غرفات ، أما الاستنشاق فبثلاث غرفات قطعاً ، والسواك ولو بالإصبع ، والتسمية ابتداءً ، وغسل اليدين إلى الرسغين ، وهذه ثمانية عشر شيئاً هي سنن الوضوء ، وفي الدرس القادم إن شاء الله نتحدث عن آداب الوضوء وهي أربعة عشر أدبًا .
***
كتاب إحياء علوم الدين :
وبعدُ فإلى بعض الفصول المختارة من إحياء علوم الدين ، ولا زلنا في الموضوع الكبير ، وهو العلم .
الدرس اليوم "وظائف المعلم" ، تحدثنا عن آداب المتعلم ، واليوم وظائف المعلم ، فإذا وضعك الله عز وجل وأكرمك في مقام التعليم فعليك واجبات ، ابحث عن واجباتك قبل أن تبحث عن حقوقك قبل أن نبدأ بالواجب الأول هناك مقدمة لطيفة .
اعلَمْ أن للإنسان في علمه أربعة أحوال ، كحاله في اقتناء الأموال ، إذ لصاحب المال حالةُ استفادةٍ فيكون مكتسباً ، إذًا أولاً كسب المال ، وحالُ ادخار لما اكتسبه ، فيكون به غنياً عن السؤال ، وحالُ إنفاقٍ على نفسه فيكون منتفعاً ، وحالُ بذلٍ لغيره فيكون به سخياً متفضلا ، وهو أشرف الأحوال .
شيء جميل : اكتساب ، وادخار ، وإنفاق على نفسه ، وإنفاق على غيره ، والإنفاق على الغير هو أشرف الأحوال ، هو السخاء ، هو الفضيلة ، وكسب المال ضرورة ، وادخاره شح ، وإنفاقه على النفس أنانية ، وكسبه ضرورة ، فلا بد أن نعمل ، فادخاره شح ، وإنفاقه على الذات أنانية ، أما إنفاقه على الآخرين فهذه فضيلة ، فكذلك العلم يُقتنَى كما يُقتنَى المال ، فله حال طلب واكتساب ، وحال تحصيل يغني صاحبه عن السؤال ، وحال استبصار ، وهو التفكر المحضُ والتمتع به ، وحال تبصير ، وهو أشرف الأحوال .
إذًا أوّلاً تَعَلُّم ، وبعدما تعلمت ، جمعت حقائق كثيرة ، ومعلومات كثيرة ، وفهمت شيئاً كثيراً من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله ، فشعرت بالغنى ، هذا الادخار ، تأملت فيما تعرف ، وتبصرت فيما حصّلت ، فشعرت بالراحة ، الآن أنفقته على نفسك ، فاعملْ به ، واستفد منه ، أما حينما تعلِّمه غيرك ، فهو أشرف الأحوال .
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ فقرة الفقه المتعلقة بالعبادات التي وعدتكم بها بالدرس الماضي لا تزيد عن عشر دقائق ، إن كانت في كل درس فهذا أعون على إتقان الصلاة التي هي عماد الدين ، وكتاب "مراقي الفلاح " ، كتاب في العبادات فقط ، وفي الفقه الحنفي فقط ، كتاب موجز ، ومبوَّب ، ومقنَّن ومرقَّم ، والقراءة فيه سهلة ، وله متن وله شرح ، فإذا استعصى عليك شيءٌ في المتن ، رجعتَ به إلى الشرح ، ففي الوضوء يقول مؤلف الكتاب طبعاً استناداً إلى استنباطات العلماء :
أركان الوضوء أربعة ، وهي فرائضه :
الأول : غسل الوجه ، وحدُّه طولاً ، من مبدأ سطح الجبهة ، إلى أسفل الذقن ، وحدُّه عرضا ما بين شحمتي الأذنين .
والثاني : غسل اليديين مع المرفقين ، ليس إلى المرفقين بل مع المرفقين ، فالمرفق داخل في غسل اليد .
والثالث : غسل الرجلين مع الكعبين .
والـرابع : مســح ربع الرأس .
سبب الوضوء :
استباحة ما لا يحل إلا به ، فهل تحل الصلاة بغير وضوء ؟ لا ، فإنها لا تحلُّ إلا به، لاستباحة الصلاة ، واستباحة الطواف ، وهذا حكمه الدنيوي ، وحكمه الأخروي الثواب في الآخرة.
الوضوء عبادة ، فإذا قام الإنسان ليتوضأ ، وقال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، دخل في عبادة .
وشرط وجوبه :
1ـ العقل 2ـ والبلوغ 3ـ والإسلام 4 ـ والقدرة على استعمال الماء الكافي ، فإذا كان الإنسان لا يقدر على استعمال الماء ، أو يقدر والماء غير كافٍ فعندئذٍ يتيمَّم 5 ـ ووجود الحدث 6ـ وعدم الحيض 7ـ والنفاس ، فلولا الحدث لما وجب الوضوء 8 ـ وضيق الوقت .
في بعض الصلوات ؛ كصلاة العيدين ، أو صلاة الجنازة ، إذا كان الوقت ضيقاً حيث تفوته الصلاة إذا ذهب ليتوضَّأ جاز له التيمم ، لضيق الوقت .
إذاً شرط وجوبه : العقل ، والبلوغ ، والإسلام ، والقدرة على استعمال الماء الكافي ، ووجود الحدث ، وعدم الحيض ، والنفاس وضيق الوقت .
شروط صحته ثلاثة :
1ـ عموم البشرة بالماء الطهور ، يعني أن يبلغ الماء كل الأماكن التي نص عليها الشرع بالماء الطهور 2ـ وانقطاع ما ينافيه من حيض ونفاس ، وحدث 3ـ وزوال ما يمنع وصول الماء إلى الجسد ، يعني طلاء الأظافر يمنع وصول الماء ، والشحم يمنع وصول الماء ، والعجين يمنع وصول الماء .
وعندنا شروط الوجوب ، كما عندنا شروط الصــحة .
هذا فصل قصير ، وبعدها ننتقل إلى موضوع آخر .
يجب غسل ظاهر اللحية الكثة ، واللحية نوعان ؛ طبعاً الذقن غير اللحية ، وكثيرون يظنون أنّ الذقن هي اللحية ، فيقال : ما له ذقن ، أو لم يربِّ ذقنه ، فكل واحد منا له ذقن ، الذقن شيء ، واللحية شيء ، ويستعمل العامة خطأً الذقن بدل اللحية ، إذًا فمن كانت له لحية كثة ، يعني غزيرة الشعر ، يجب غسل ظاهرها ، والشرع لم يكلَّفكَ بغسل أصول اللحية ، عندئذ تحتاج إلى تنشيف على الهواء ، وهذا أمرٌ صعب ، فوق الطاقة ، وعليه غسل ظاهر اللحية الكثة في أصح ما يُفتى به ، ويجب إيصال الماء إلى بشرة اللحية الخفيفة ، فإذا كانت اللحية خفيفة وجب أن يصل الماء إلى البشرة ، أيْ إلى أصل اللحية ، ولا يجب إيصال الماء إلى المسترسل من الشعر عن دائرة الوجه ، فإذا كان لك شعر مسترسل لا يجب إيصال الماء إليه ، ولا إلى ما انكتم من الشفتين ، إذا ضمَّ إنسان شفتيه فهناك جزء من الشفتين من داخل الفم ، فالجزء الذي يعد من داخل الفم لا يجب إيصال الماء إليه ، ويجب تحريك الخاتم الضيق ، وإيصال الماء إلى أصل اللحية الخفيفة ، وغسل ظاهر اللحية الكثة ، يعني الكثيفة ، وعدم وجوب إيصال الماء إلى ما استرسل من الشعر الخارج عن دائرة الوجه ، فهذه معلومات جانبية متعلقة بالموضوع .
شيء آخر : لو ضره غسل شقوق الرجلين ، إذا كان في الأرجل شقوق ، يعني مذبوحة من الشتاء ، وهي مؤلمة ، ويؤذيها الماء وضره غسل شقوق رجليه جاز إمرار الماء على الدواء الذي وضعه فيها .
وبعد ؛ شخص واحد له لحية كثة توضأ فرضاً وحلقها ، لا يقال له : أعد الوضوء ، ولا يعاد المسح ، ولا الغسل على موضع الشعر بعد حلقه ولا الغسل بعد قص ظفره ، وشاربه .
فإذا طرأ بعد الوضوء ، قص ظفر ، أو قص شارب ، أو حلق شعر لم يصل الماء إليه عند الوضوء ، فالشرع متساهل لا يجوز أن تعيد الوضوء في هذه الحالات ، يعني معلومات لطيفة ويحتاجها كل إنسان ، وهذا مما يعين على إتقان الوضوء ، لا زلنا في موضوعات أخرى ، وإن شاء الله نتابعها في الدرس القادم ، هذا ويسن في الوضوء ثمانية عشر شيئاً ، نقرؤها الآن مجرد قراءة ، وربما عدنا إليها في الدرس القادم .
يسن في الوضوء ثمانية عشر شيئاً :
1ـ غسل اليدين إلى الرسغين 2- والتسمية ابتداء 3 - والسواك في ابتدائه ولو بالإصبع عند فقده ، فالسواك من سنن الوضوء ، لم تجد السواك فبالإصبع 4 - والمضمضة ثلاثا ولو بغرفة واحدة ، طبعاً عندنا سنة التكرار ، وسنة المضمضة ، فإذا أخذت غرفة يمكن أنْ تتمضمض فيها ثلاث مرات ، فالمضمضة تحريك الماء بالفم مرة أولى ، ثم مرة ثانية ، ثم مرة ثالثة ، إذاً والمضمضة ثلاثا ولو بغرفة واحدة 5 - والاستنشاق بثلاث غرفات ، قطعاً لأن الاستنشاق ليس عندك عضلات بالأنف تحركها ثلاث مرات ، فلابد من المرة الأولى ، والثانية ، والثالثة ، أما بالفم فممكن ، إذاً يجوز أن تتمضمض ثلاث مرات بغرفة واحدة ، ولا يجوز أن تستنشق ثلاث مرات بغرفة واحدة ، فثلاث مرات ثلاث غرفات 6 - والمبالغة في المضمضة والاستنشاق ، المبالغة تعني إيصال الماء إلى كل أنحاء الفم ، وإيصال الماء إلى أقصى الأنف المبالغة لغير الصائم 7ـ وتخليل اللحية الكثة بكف ماء من أسفلها ، والتخليل يعني : بالأصابع ، الأصابع مبتلة تخلل اللحية الكثة ، بكف ماء من أسفلها 8 - وتخليل الأصابع 9 - وتثليث الغسل ، كل عضوٍ ثلاثًا ثلاثًا ، أول مرة تدلك ، والثانية إسالة الماء ، والثالثة التأكد من التنظيف 10- واستيعاب الرأس بالمسح مرة ، ويجوز مسح ربع الرأس ، أما السنة فكامل الرأس 11- ومسح الأذنين ولو بماء الرأس ، فهذا ممكن ، أن تمسح الأذنين بماء الرأس نفسه ، طبعاً تُدخل إصبعك إلى داخل الأذن ، وتمررها بتجاويفها وخطوطها ، ثم ظاهر الأذن والرقبة 12- والدلك .
أحدث شيء سمعته من طبيب جزاه الله خيراً أن هناك عصيات بالمستقيم اسمها العصيات الزرق، هذه متواجدة بالمستقيم ، ولها وظائف حيوية ، ومحظور عليها لأسباب يصعب شرحها أن تنتقل إلى داخل الجسم أو إلى الدم ، فإذا دخلت في الفم بسبب عدم الاحتراز منها ، عدم إتقان الغسل ، إذا دخلت إلى الفم ووصلت إلى الدم سببت أمراضًا وبيلة .
فالأحاديث الشريفة تحضُّنا على المبالغة بالطهارة ، فإذا دخل إنسان المرحاض وجب أن يبالغ في تنظيف يديه ، ولا سيما الأنامل عند الأظافر ، عند هذه الثنيات ، فلو أن عصية زرقاء دخلت إلى الفم ولم يكن المتوضأ قد اعتنى بتغسيل يديه ، فهذا يسبب له أمراضاً ، يجب أن تعلموا أن أوامر النبي الكريم مبنية على حقائق علمية لأن الله سبحانه وتعالى أوحى له بذلك :
( سورة النجم : 3 ـ 4 ) .
11- ومسح الأذنين ولو بماء الرأس ، 12- والدلك ، 13- والولاء ، كشخصٍ غسل وجهه ، فرنَّ جرس الهاتف ، وتكلَّم ربع ساعة ، ثم رجع وأكمل غسل يديه ، فلم تتوفَّر الموالاة ، بل صار في الوضوء انقطاع ، فيجب أن يتوضأ مرة واحدة ،14- والنية ، 15- والترتيب ، فالإنسان أحيانًا ينسى فيغسل رجليه قبل يديه ، فاختلَّ الترتيب وخالف السنة كما نص الله تعالى في كتابه ، 16- والبداءة بالميامن ، في كل شيء تبدأ باليمين ، 17- ورؤوس الأصابع ، ومقدم الرأس 18- ومسح الرقبة إلى الحلقوم ، إذًا الميامن ، والترتيب ، والنية ، والولاء ، والدلك ، ومسح الأذنين بماء الرأس ، واستعياب الرأس كله ، وتثليث الغسل ، وتخليل الأصابع ، وتخليل اللحية الكثة من أسفلها ، والمبالغة في المضمضة ، والاستنشاق لغير الصائم ، والمضمضة ثلاثًا بغرفة واحدة أو بثلاث غرفات ، أما الاستنشاق فبثلاث غرفات قطعاً ، والسواك ولو بالإصبع ، والتسمية ابتداءً ، وغسل اليدين إلى الرسغين ، وهذه ثمانية عشر شيئاً هي سنن الوضوء ، وفي الدرس القادم إن شاء الله نتحدث عن آداب الوضوء وهي أربعة عشر أدبًا .
***
كتاب إحياء علوم الدين :
وبعدُ فإلى بعض الفصول المختارة من إحياء علوم الدين ، ولا زلنا في الموضوع الكبير ، وهو العلم .
الدرس اليوم "وظائف المعلم" ، تحدثنا عن آداب المتعلم ، واليوم وظائف المعلم ، فإذا وضعك الله عز وجل وأكرمك في مقام التعليم فعليك واجبات ، ابحث عن واجباتك قبل أن تبحث عن حقوقك قبل أن نبدأ بالواجب الأول هناك مقدمة لطيفة .
اعلَمْ أن للإنسان في علمه أربعة أحوال ، كحاله في اقتناء الأموال ، إذ لصاحب المال حالةُ استفادةٍ فيكون مكتسباً ، إذًا أولاً كسب المال ، وحالُ ادخار لما اكتسبه ، فيكون به غنياً عن السؤال ، وحالُ إنفاقٍ على نفسه فيكون منتفعاً ، وحالُ بذلٍ لغيره فيكون به سخياً متفضلا ، وهو أشرف الأحوال .
شيء جميل : اكتساب ، وادخار ، وإنفاق على نفسه ، وإنفاق على غيره ، والإنفاق على الغير هو أشرف الأحوال ، هو السخاء ، هو الفضيلة ، وكسب المال ضرورة ، وادخاره شح ، وإنفاقه على النفس أنانية ، وكسبه ضرورة ، فلا بد أن نعمل ، فادخاره شح ، وإنفاقه على الذات أنانية ، أما إنفاقه على الآخرين فهذه فضيلة ، فكذلك العلم يُقتنَى كما يُقتنَى المال ، فله حال طلب واكتساب ، وحال تحصيل يغني صاحبه عن السؤال ، وحال استبصار ، وهو التفكر المحضُ والتمتع به ، وحال تبصير ، وهو أشرف الأحوال .
إذًا أوّلاً تَعَلُّم ، وبعدما تعلمت ، جمعت حقائق كثيرة ، ومعلومات كثيرة ، وفهمت شيئاً كثيراً من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله ، فشعرت بالغنى ، هذا الادخار ، تأملت فيما تعرف ، وتبصرت فيما حصّلت ، فشعرت بالراحة ، الآن أنفقته على نفسك ، فاعملْ به ، واستفد منه ، أما حينما تعلِّمه غيرك ، فهو أشرف الأحوال .
الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:18 am من طرف Admin
» حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه السلام
الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:11 am من طرف Admin
» كل عام وانت بخير
الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:08 am من طرف Admin
» من فتنةالدجال
الأربعاء مارس 03, 2010 1:42 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» ثواب من صلى ركعتين بعد الوضوء !!
الأربعاء مارس 03, 2010 1:28 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» •°• هـل تـريـد بـيـتـاً فـي الـجـنـة ؟ •°•
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:27 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» صفات يحبها الله
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:25 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» لماذا الغراب بالذات يعلمنا كيف ندفن موتانا!.. سبحان الله
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:24 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:20 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى