العظيمة التي بين فيها أصول الإسلام وقرر فيها قواعد الدين. وقضى على عادات الجاهلية، ووضع قوانين الأخلاق، وأرسى دعائم الاجتماع، ونحن نستفيد من هذه الخطبة دروساً عظيمة نسعد بها فى حياتنا وآخرتنا منها.
حرمة الدماء والأموال من قوله (صلي الله عليه وسلم) "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا فى بلدكم هذا" اللهم بلغت؟ ((متفق عليه)).
إن الإسلام قرر حق الحياة لكل إنسان وهو حق مقدس وله أن يتمتع بهذا الحق، لا يحل انتهاك حرمته ولا استباحة حماه.
قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} [الإسراء: 33]
والحق الذي تزهق به النفوس هو ما فسره الرسول (صلي الله عليه وسلم) فيما رواه عبدالله بن مسعود رضى الله عنه "لا يحل دم امرئ مسـلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث" الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" ((رواه البخاري ومسلم)) إن الطبيعة البشرية تحرم سفك الدماء وتحرص كل الحرص على سلامة الأرواح والأبدان، لأن الحياة منحة الله للإنسـان، لا يملك أحد انتزاعها منه إلا الله عز وجل.
( 2 )
ومن حرص الإسلام على حماية النفوس من القتل أنه هدد من يستحلها بأشد عقوبة يقول الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء 93] وقال (صلي الله عليه وسلم) "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق"
(رواه ابن ماجة بسند حسن)
وكما قرر الإسلام حرمة الدماء قرر ثانيا حرمة المال. فالمال مال الله والإنسان خليفة الله فى هذا المال، والمال اذا جمع عن طريق مشروع وأنفق منه صاحبه بالاعتدال كان ما بقى فى يد صاحبه مصوناً تحميه الدولة، وعلى المجتمع أن يحترم ملكيته لهذا المال، فلا يحل لأحـد أن يعتدي عليه، ولا يحل لأحد أن يأخذ منه إلا عن طيب نفس صاحبه، لذلك شدد الإسلام فى عقوبة السـرقة، كي لا يجرؤ أحد أن يمد يده إلى مال الآخرين، وبهذا تحفظ الأموال وتصان يقول تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
فالإسلام احترم المال من حيث أنه عصب الحياة واحترم ملكية الأفراد له.
ونستفيد ثالثا: حرمة الربا يقول النبي (صلي الله عليه وسلم) فى هذه الخطبة: (ألا إن كل ربا موضوع...) فهو يقطع المعروف ويزيل المواساة، ويمحو الإحسان، وتتسلط الطبقة الغنية على الطبقة الفقيرة، فيمتلئ جو المجتمع بالشحناء والبغضاء، ويشيع العدوان بين الناس هذا فى الدنيا وفى الآخرة، فإن المرابين يسكونون على الصورة التي ذكرها الله فى القرآن قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 27]
والرسول (صلي الله عليه وسلم) يقول: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه" (رواه أبو داود وأحمد والترمذي))
الربا تجارة الكسول وبضاعة الخامل، وشر مستطير فى الدنيا والآخرة، فهو يهدم القيم، ويحطم الأخلاق، ويدمر الاقتصاد، ويربك الأمة، ويثقل كاهلها بالديون، وفوق ذلك فهو يوقع العداوة والبغضاء بين الناس، وينتزع الرحمة من القلوب.
وهو من الكبائر، وأحد السبع الموبقات، لذلك أعلن الله الحرب على المرابين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278, 279]
( 3 )
وقرر رابعاً: كيف يكون الحفاظ على الأسرة، فالرسول (صلي الله عليه وسلم) فى خطبة حجة الوداع رسم الآداب المشتركة بين الزوجين، وحدد حقوق كل منهما على الآخر وصدق الله إذ يقول {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وصور الصلة بينهما بقوله {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة: 187]
وسمى العقد المبرم بينهما ميثاقاً غليظاً قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} [النساء:21]
فالزوجة سكن للزوج وحرث له، وهى شريكة حياته، وربة بيته، وأم أولاده، ومهوى فؤاده، وموضع سره ونجواه، وهى أهم أركان الأسرة وهى مسئولة معه عن الأسرة وجاء في حديث الرسول (صلي الله عليه وسلم) "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسـئولة عن رعيتها، والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ((متفق عليه))
ونستفيد خامساً من خطبة النبي (صلي الله عليه وسلم) فى يوم عرفة فى حجة الوداع مبدأ تبنى الإسلام للمساواة بين الناس حيث قال: "إن ربكم واحد، وإن إباكم واحد وكلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم" فالإسلام رسالة عالية جاءت لخير الأمم والشعوب جميعاً لا فرق بين عربى وأعجمي قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان: 1]
دعا إلى القضاء على الفوارق الجنســية والعنصرية، وأعلن الأخوة الإسلامية قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
فالإسلام يقرر المساواة بين البشر، فهم سواسية كأسنان المشط، لا تفاضل بينهم إلإ على أساس التقوى والعمل الصالح، وما يقدم كل منهم لربه ولنفسه ووطنه ومجتمعه الإنساني..
فالإسلام دين المساواة، والمجتمع الذي يقوم أفراده على قدم المساواة هو مجتمع يشع منه الاطمئنان والأمان، والمحبة والتعاون على البر والتقوى، أما إذا انعدمت المساواة فى مجتمع نتج عنه الصراع وظهرت الطبقية، وتزعزعت الثقة بين الناس.
لقد بلغت المساواة ذروتها فى عهد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) حتى قال الرسول عليه الصلاة والسـلام (سلمان منا أهل البيت).
( 4 )
ونستفيد سادساً:
أن نعتصم بكتاب الله وسـنة رسول الله (صلي الله عليه وسلم) فقد نهى عن التفرق والتنازع والاختلاف وحذر من الفتن والانقسام إلى شيع وأحزاب، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران]
وقال سبحانه {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159] الإسلام يدعوكم إلى الوحدة، ويحرم عليكم الخلاف والفرقة.
هذه بعض الدروس المستفادة من خطبة الرسول (صلي الله عليه وسلم) فى حجة الوداع فى يوم عرفة، وعلينا أن نستجيب عملاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] وعملا بقول رسـول الله (صلي الله عليه وسلم) "كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى، فقيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" (رواه البخاري).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
( 5 )
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد فى الله حق جهاده، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين.
أما بعد فيا عباد الله:
أوصيكم ونفسـي بتقوى الله عز وجل، وأحذركم ونفسي من مخالفة أوامره، وابتهلوا إليه بالدعاء وجددوا العهد مع الله عز وجل لتكونوا من المقبولين، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم وفقنا إلى طاعتك وجنبنا معاصيك، اللهم يسر أمورنا، اللهم استر عيوبنا، اللهم اشف مرضانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم أهلك أعداءنا، اللهم أصلح أحوالنا، اللهم طهر قلوبنا، اللهم قو إيماننا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، انك سميع قريب مجيب الدعوات يا أرحم الراحمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتذكرون.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واستغفروه يغفر لكم.
وأقم الصلاة.
تحيااتي
حرمة الدماء والأموال من قوله (صلي الله عليه وسلم) "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا فى بلدكم هذا" اللهم بلغت؟ ((متفق عليه)).
إن الإسلام قرر حق الحياة لكل إنسان وهو حق مقدس وله أن يتمتع بهذا الحق، لا يحل انتهاك حرمته ولا استباحة حماه.
قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} [الإسراء: 33]
والحق الذي تزهق به النفوس هو ما فسره الرسول (صلي الله عليه وسلم) فيما رواه عبدالله بن مسعود رضى الله عنه "لا يحل دم امرئ مسـلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث" الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" ((رواه البخاري ومسلم)) إن الطبيعة البشرية تحرم سفك الدماء وتحرص كل الحرص على سلامة الأرواح والأبدان، لأن الحياة منحة الله للإنسـان، لا يملك أحد انتزاعها منه إلا الله عز وجل.
( 2 )
ومن حرص الإسلام على حماية النفوس من القتل أنه هدد من يستحلها بأشد عقوبة يقول الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء 93] وقال (صلي الله عليه وسلم) "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق"
(رواه ابن ماجة بسند حسن)
وكما قرر الإسلام حرمة الدماء قرر ثانيا حرمة المال. فالمال مال الله والإنسان خليفة الله فى هذا المال، والمال اذا جمع عن طريق مشروع وأنفق منه صاحبه بالاعتدال كان ما بقى فى يد صاحبه مصوناً تحميه الدولة، وعلى المجتمع أن يحترم ملكيته لهذا المال، فلا يحل لأحـد أن يعتدي عليه، ولا يحل لأحد أن يأخذ منه إلا عن طيب نفس صاحبه، لذلك شدد الإسلام فى عقوبة السـرقة، كي لا يجرؤ أحد أن يمد يده إلى مال الآخرين، وبهذا تحفظ الأموال وتصان يقول تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
فالإسلام احترم المال من حيث أنه عصب الحياة واحترم ملكية الأفراد له.
ونستفيد ثالثا: حرمة الربا يقول النبي (صلي الله عليه وسلم) فى هذه الخطبة: (ألا إن كل ربا موضوع...) فهو يقطع المعروف ويزيل المواساة، ويمحو الإحسان، وتتسلط الطبقة الغنية على الطبقة الفقيرة، فيمتلئ جو المجتمع بالشحناء والبغضاء، ويشيع العدوان بين الناس هذا فى الدنيا وفى الآخرة، فإن المرابين يسكونون على الصورة التي ذكرها الله فى القرآن قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 27]
والرسول (صلي الله عليه وسلم) يقول: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه" (رواه أبو داود وأحمد والترمذي))
الربا تجارة الكسول وبضاعة الخامل، وشر مستطير فى الدنيا والآخرة، فهو يهدم القيم، ويحطم الأخلاق، ويدمر الاقتصاد، ويربك الأمة، ويثقل كاهلها بالديون، وفوق ذلك فهو يوقع العداوة والبغضاء بين الناس، وينتزع الرحمة من القلوب.
وهو من الكبائر، وأحد السبع الموبقات، لذلك أعلن الله الحرب على المرابين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278, 279]
( 3 )
وقرر رابعاً: كيف يكون الحفاظ على الأسرة، فالرسول (صلي الله عليه وسلم) فى خطبة حجة الوداع رسم الآداب المشتركة بين الزوجين، وحدد حقوق كل منهما على الآخر وصدق الله إذ يقول {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وصور الصلة بينهما بقوله {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة: 187]
وسمى العقد المبرم بينهما ميثاقاً غليظاً قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} [النساء:21]
فالزوجة سكن للزوج وحرث له، وهى شريكة حياته، وربة بيته، وأم أولاده، ومهوى فؤاده، وموضع سره ونجواه، وهى أهم أركان الأسرة وهى مسئولة معه عن الأسرة وجاء في حديث الرسول (صلي الله عليه وسلم) "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسـئولة عن رعيتها، والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ((متفق عليه))
ونستفيد خامساً من خطبة النبي (صلي الله عليه وسلم) فى يوم عرفة فى حجة الوداع مبدأ تبنى الإسلام للمساواة بين الناس حيث قال: "إن ربكم واحد، وإن إباكم واحد وكلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم" فالإسلام رسالة عالية جاءت لخير الأمم والشعوب جميعاً لا فرق بين عربى وأعجمي قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان: 1]
دعا إلى القضاء على الفوارق الجنســية والعنصرية، وأعلن الأخوة الإسلامية قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
فالإسلام يقرر المساواة بين البشر، فهم سواسية كأسنان المشط، لا تفاضل بينهم إلإ على أساس التقوى والعمل الصالح، وما يقدم كل منهم لربه ولنفسه ووطنه ومجتمعه الإنساني..
فالإسلام دين المساواة، والمجتمع الذي يقوم أفراده على قدم المساواة هو مجتمع يشع منه الاطمئنان والأمان، والمحبة والتعاون على البر والتقوى، أما إذا انعدمت المساواة فى مجتمع نتج عنه الصراع وظهرت الطبقية، وتزعزعت الثقة بين الناس.
لقد بلغت المساواة ذروتها فى عهد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) حتى قال الرسول عليه الصلاة والسـلام (سلمان منا أهل البيت).
( 4 )
ونستفيد سادساً:
أن نعتصم بكتاب الله وسـنة رسول الله (صلي الله عليه وسلم) فقد نهى عن التفرق والتنازع والاختلاف وحذر من الفتن والانقسام إلى شيع وأحزاب، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران]
وقال سبحانه {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159] الإسلام يدعوكم إلى الوحدة، ويحرم عليكم الخلاف والفرقة.
هذه بعض الدروس المستفادة من خطبة الرسول (صلي الله عليه وسلم) فى حجة الوداع فى يوم عرفة، وعلينا أن نستجيب عملاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] وعملا بقول رسـول الله (صلي الله عليه وسلم) "كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى، فقيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" (رواه البخاري).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
( 5 )
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد فى الله حق جهاده، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين.
أما بعد فيا عباد الله:
أوصيكم ونفسـي بتقوى الله عز وجل، وأحذركم ونفسي من مخالفة أوامره، وابتهلوا إليه بالدعاء وجددوا العهد مع الله عز وجل لتكونوا من المقبولين، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم وفقنا إلى طاعتك وجنبنا معاصيك، اللهم يسر أمورنا، اللهم استر عيوبنا، اللهم اشف مرضانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم أهلك أعداءنا، اللهم أصلح أحوالنا، اللهم طهر قلوبنا، اللهم قو إيماننا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، انك سميع قريب مجيب الدعوات يا أرحم الراحمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتذكرون.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واستغفروه يغفر لكم.
وأقم الصلاة.
تحيااتي
الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:18 am من طرف Admin
» حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه السلام
الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:11 am من طرف Admin
» كل عام وانت بخير
الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:08 am من طرف Admin
» من فتنةالدجال
الأربعاء مارس 03, 2010 1:42 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» ثواب من صلى ركعتين بعد الوضوء !!
الأربعاء مارس 03, 2010 1:28 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» •°• هـل تـريـد بـيـتـاً فـي الـجـنـة ؟ •°•
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:27 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» صفات يحبها الله
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:25 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» لماذا الغراب بالذات يعلمنا كيف ندفن موتانا!.. سبحان الله
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:24 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى
» فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
الجمعة ديسمبر 11, 2009 12:20 am من طرف أحمد عبدالله البطيشى